الأُمِّيَّة:مصطلح يعني عدم القدرة على القراءة والكتابة. فعندما تتحرك عيناك عبر هذه السطور فإنك تقوم بترجمة الكلمات والرموز المطبوعة بسهولة وتفهم الرسالة التي تحملها. ويمكنك أيضًا أن تضع أفكارك على ورقة ليقرأها الآخرون المتعلمون الذين بإمكانهم قراءة لغتك. ولكن ما يقرب من ثلث سكان العالم من عمر 15 عامًا فأكثر أي نحو 815 مليون نسمة لا يمكنهم القراءة أو الكتابة أو إجراء العمليات الحسابية الأولية.
تعرِّف منظمة التربية والعلوم والثقافة التابعة للأمم المتحدة (اليونسكو) الشخص المتعلم بأنه الشخص "الذي يمكنه أن يقرأ بفهم ويكتب أيضًا عبارات بسيطة في حياته اليومية". وشخص بهذا المستوى من القدرة قد ينجح في قرية نامية. ولكن شخصًا بنفس المقدرة على القراءة قد يكون غير قادر على الاحتفاظ بوظيفته أو إنجاز أعمال هامة أخرى في بلدة كبيرة بدولة صناعية. وبناءً عليه َيستخدم كثير من المتخصصين تعبير الأمية الوظيفية لوصف قدرات شخص ما على القراءة والكتابة بالنسبة لبيئته. والأمي وظيفيًا هو من لا يقرأ ولا يكتب ولا يحسب بمهارة تفي بمتطلبات حياته .
الحاجة إلى التعليم. ظلت البشرية قرونًا عديدة تعتمد على خط اليد في الكتابة والتأليف. فكان المؤلفون يكتبون المخطوطات. التي قد تنسخ لعدد محدود من القراء القادرين على دفع تكاليف نسخها. ومن ذلك ما كان يحدث في عصور الحضارة الإسلامية، وفي أوروبا حتى القرن الخامس عشر الميلادي.
وفي حوالي عام 1440م،كان الألماني جوهانس جوتنبرج أول أوروبي يطبع كتابًا بالحروف المتحركة. وسرعان ما أصبحت الكتب والمطبوعات أقل تكلفة، ومتاحة، ورغب الناس أكثر فأكثر في تعلم القراءة.
وخلال القرن السادس عشر، تُرْجِم الكتاب المقدس إلى الألمانية واللغات الأخرى الأوسع انتشارًا. وحتى ذلك الحين كانت الترجمة اللاتينية للكتاب المقدس هي الوحيدة المعتمدة من الكنيسة الكاثوليكية الرومانية. وأيقن العديد من القادة المتدينين أنه يجب على كل مسيحي أن يعرف كيف يقرأ الإنجيل.
وزادت الحاجة إلى تعلم القراءة والكتابة خلال القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر، وهي فترة الثورة الصناعية، حيث كان معظم الناس قبلها يعملون في الحقول، وكان احتياجهم للقراءة والكتابة ضئيلاً. ولكن خلال الثورة الصناعية، تدفق المزارعون إلى المدن لشغل الوظائف التي أوجدتها لهم المصانع حديثًا. وكان عليهم أن يقرأوا التعليمات، وأن يؤدوا كثيرًا من المهام المرتبطة بالكتابة.
لا تزال كثير من الدول الإفريقية والآسيوية بحاجة أكبر للتعليم. فمعظم القوى العاملة هناك من الأميين. وكثير من هذه الدول تفتقر إلى المهندسين والمديرين والعمال المهرة الضروريين للنمو الصناعي. والأميون ـ غالبًا ـ أقل رغبة من غيرهم في ممارسة العادات الصحية السليمة واستخدام التقنية المتطورة.
وفي العالم العربي والإسلامي يعتبر تعليم القراءة والكتابة مدخلاً إلى تعليم الدين للتمكن من القيام بالواجبات العينية المفروضة على كل مسلم. وقد كان لنا في رسول الله ³ القدوة الحسنة في هذا السبيل، فقد طلب من كل أسير من أسرى غزوة بدر الكبرى أن يعلم عشرة من صبيان المدينة القراءة والكتابة.
والأمي، في العالم العربي، هو الشخص الذي لم يحصل على أدنى مستوى وظيفي في القراءة والكتابة، وهو ما يشار إليه بالأُمية الأبجدية. وعلى هذا الأساس أقامت الكثير من البلدان العربية برامجها لمحو الأمية والتي تشابهت في عناصرها ومكوناتها مع التعليم الرسمي الذي يقدم للصغار في الصفوف الإبتدائية الدنيا. وفي دول الخليج، بخاصة، اعتبر أميًا ذلك الشخص الذي لم يصل مستواه في مهارات القراءة والكتابة والحساب مستوى الصف الرابع الإبتدائي.
وقد بلغ عدد الأميين في البلدان العربية عام 1970م حوالي 49 مليونًا وشكَّل هؤلاء نسبة 72,7% من مجموع السكان العرب الذين تبلغ أعمارهم 15 سنة فأكثر. ومع زيادة عدد السكان حتى عام 1985م، ارتفع مجموع عدد الأميين إلى 61 مليون نسمة، إلا أن هؤلاء شكَّلوا ما نسبته 56,5% من السكان الذين تبلغ أعمارهم 15 سنة فأكثر، أي أن نسبة التحسن في محو الأمية كان حوالي 17%.
وللعديد من الدول في كل أنحاء العالم برامج قوية لمحو الأمية. وكل هذه البرامج تقريبًا تستند إلى حد كبير على المعلمين المتطوعين. وقد بعثت غانا المسؤولين الحكوميين إلى القرى لتدريب المتطوعين على تعليم القراءة.
وخلال الستينيات من القرن العشرين، حشدت جمهورية الصين الشعبية نحو 30 مليون معلم تحت شعار يا من تعرف القراءة، عَلـِّم أميًا. وفي عام 1961م، أغلقت كوبا مدارسها معظم العام وأرسلت المدرسين وبعض كبار الطلاب لتعليم الأميين. وقد خفّضت هذه الحملة نسبة الأمية في كوبا من 25% إلى نحو 4% في عام واحد.
وفي السبعينيات من هذا القرن، بدأت هيئة الإذاعة البريطانية في بث مسلسلات تلفازية في بريطانيا لتعليم القراءة في الصباح الباكر. وقد بدأت دول أخرى مثل البرازيل والمكسيك وتنزانيا وتركيا وفنزويلا في اتخاذ خطوات جادة لمحو الأمية.
انخفض معدل الأمية في العالم بانتظام من 45% في عام 1950م إلى نحو 30% في عام 1980م ثم إلى 21% في عام 2000م. ومع ذلك فإن العدد الإجمالي للأميين في العالم يزداد بسبب زيادة السكان، وعدم كفاية فرص تعليم المرأة في كثير من الدول. وتمثل المرأة نحو 60% من عدد الأميين.
والجدول المرفق يوضح نسبة من لا يستطيعون القراءة والكتابة في دول مختلفة وتسجل معظم الدول درجات الأمية للأشخاص من 15 عامًا فأكثر. ولكن قلة من الدول تستخدم مجموعات من أعمار أخرى. وللحصول على معدَّل غير الأميين تطرح درجة الأمية من 100.