اشكالية طبيعة إدراك المكان
السؤال : هل ادراكناللاشياء يتوقف علي فاعلية الذات فقط ؟
يتميز الإنسان عن غيره من الكائنات بالعقل هذا الأخير الذي يدرك كل الأشياء المحيطة به ومعانيها أي إن وظيفة الإدراك تاويلية وتفسيرية لمعطيات العالم الخارجي التي يتلقاها عن طريق الإحساس ومن هنا كان الاختلاف بين الفلاسفة والعلماء في تحديد طبيعة الإدراك ( إدراكالاشياء)أو إدراك المكان, باعتباره من المشاكل الصعبة التي تواجه الإنسان في وجوده بصفته كائن يوجد داخل إطار معين ومنه نطرح الإشكال : هل هذا التفسير للادراكي يتوقف على قدرة العقل وفق قوى كامنة فيه فقط ؟ أم يعتمد على الكيفية التي ينتظم بها العالم الخارجي أي حسب الكيفيات الحسية التي يتلقى بهاالادراك المعطيات الخارجية عن طريق الإحساس ؟
إن المتتبع والملاحظ للنشاطات العقل يدرك جليا الدور العظيم الذي يلعبه العقل في فهم العالم الخارجي
(الأشياء) في تفسير معطيته ومعانيه ولعل أول من انتبه إلى هده القناعة الفيلسوف الفرنسي العقلاني ديكارت ( 1596 ـ1650 ) ومن إتباعه بعد ذلك كل من براكلي ( 1684ـ 1753 ) والآن( 1868 ـ1951) . فديكارت يرى إن هناك أفكار فطرية في الذهن هي التي تعطي المعنى الحقيقي
للأشياء على الرغم من نقص وعدم كفاية المعطيات الحسية . ويقدم لنا ديكارت المثال التالي (( أني حين انظر من النافدة أشاهد رجالا يسيرون في الشارع مع إني في الواقع لاارى بالعين المجردة سوى قبعات ومعاطف متحركة ولكني على الرغم من ذلك احكم بأنهم أناس ))وهذا ما كده براكلي إن هناك علاقة بين العقل وبين وجود الأشياء ورفض إن يكون لها أي وجود مستقل عن الذهن المدرك لها .
أما( الان ) قدم مثال: المكعب فلولا تدخل نشاط العقل لما ادر كنا إن هذا مكعب . كذلك أخطاء الحواس( (كالأوهام البصرية كفكرة السراب , وأشكال النجوم ) و البعد الثالث : العين تقدم لنا بعدين ( الطول والعرض ) والعقل يتمم البعد الثالث ( العمق والارتفاع ) .
لكن من جهة أخرى تساؤلنا متواصل عن الكيفية التي تحصل بها العقل على المعطيات الحسية الخارجية فألاكمه (الأعمى بالولادة ) لا يدرك الألوان مطلقا والأصم بالولادة لا يعرف معنى الأصوات على الرغم من توفر العقل وبالتالي فهذه النظرية اهتمت بالجانب العقلي وأهملت الجانب الحسي الموضوعي ودوره في الإدراك وبهذا فالعقل تقدم الأشياء كل مرة معنى جديد في كيفية انتظامها , فالأزهار وهي متناثرة في الحديقة تقدم لي صورة تختلف عن حالتها وهي منظمة في باقة في البيت , فالحديث عن هذه التصور يقودنا مباشرة إلى الحديث عن المدرسة الجشطالتية (نظرية الصورة ) وهذه المدرسة حديثة التي ظهرت بين الحرب العالمية( الأولى والثانية) وهي ألمانية الجنسية بزعامة كوفكا وكوهلر ترى هذه المدرسة انه ما يسمى بقوانين الانتظام لمعطيات العالم الخارجي هي التي تحدد الصورة التي تنطبع في الذهن وهذه القوانين منها ما يتعلق بالشخص ذاته بالإضافة إلى العوامل الموظوعية المتعلقة بالموظوع ( عامل التقارب التشابه والإغلاق..... ) .
ولكن رغم هذه العوامل الانتظامية داخل الصورة غير إن العقل يبقى صاحب الدور الأول والأخير في فهم هذه المعطيات الخارجية محاولا تأويلها تأويل صحيح وبهذا أهملت هذه النضرية العوامل الذاتية في عملية الإدراك
من هذا وذاك نصل إلى قناعة هامة مفادها إن هذه الأشياء منتظمة وفق كيفات معينة ينقلها الإحساس إلى مراكز التاوئل , وبهذا فادر كنا الاشيا ء لا يتوقف على فاعلية الذات فقط بل على الموظوع ((معا )).