بقلم/ د.محمد فهد الثويني.
أثلج صدري، وأطاب نفسي خمسة مشاهد تتكرر مع كل إشراقة صباح جديد.
المشهد الأول:
طفل الخمسة أعوام يودع أباه عند باب الروضة فيقبل رأسه ثم يلوح له بيده.. وعيناه تقولان له شكراً لك يا والدي على تربيتك لي، شكراً على جهدك وتعبك، وأسأل الله أن يجعلني الولد البار بك دائماً.
أما المشهد الثاني:
يدخل علينا الشاب ذو العشرة أعوام نحن جلوس في المسجد ليدعو أباه للحضور إلى البيت لحاجة، فيبدأ بالسلام، ثم يصافح الجميع، ويقبل رؤوسنا واحداً تلو الآخر قبل أن يتحدث إلى والده بأدب واحترام، إنه قرة عين لوالده، وزينة الحياة الدنيا، فهنيئاً للوالد وهنيئاً للولد، ونعمت التربية.. وحسنت الحياة الصالحة.
أما المشهد الثالث:
فهو ذاك الشاب ذو الأربعة عشرة ربيعاً، يلتقي بأستاذه كل يوم فيقبل رأسه قبلتين، تحملان معهما كل معاني الوفاء والعرفان.. وترفلان بمعاني الشكر والثناء، وترسلان للأستاذ أجمل رسائل الاحترام والتقدير.
أما المشهد الرابع:
فهو لشاب في العشرين من عمره، جلس قبالة معلمه قائلاً: أنا رهن إشارتك وقتي كله لك، فجد علي بالعلم والمعرفة وزودني بكل نافع لي في دنياي وآخرتي.. فرأيت في هذا الشاب خير مثال لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في حبهم للعلم والعلماء.. ثم يقبل الشاب رأس معلمه وينصرف.
أما المشهد الخامس:
لداعية مسلم أصاب الثلاثين من عمره دخل على شيخه، فلما رآه سارع وقبّل رأسه، وتابع القبلة بعبارات الحب والتوقير والشكر والثناء على الشيخ فمهما طال عمر الإنسان يحفظ المعروف لأهله ويشكر الشيخ على إحسانه.
فأمسك الشيخ بيد الفتى وقال له ألا يزال أبواك على قيد الحياة فأومأ الفتى بالإيجاب! فأكبّ الشيخ على يدي الفتى فقبلهما! وقال له: اذهب بهذه القبلة إلى والديك فقبلهما عني، فقد أحسنا والله تربيتك.
وحاول الفتى رد قبلة الشيخ ولكن الشيخ قال له اذهب إلى والديك فقبل يديهما.
هكذا يكون الإحسان وهكذا فلتكن التربية.. وبعدها ننعم- نحن الآباء- بأولاد بررة، وقرة للعيون.. وجيل صالح.. وبعد أفليست هذه زينة الحياة الدنيا وكنزها الثمين؟!